أشارت صحيفة “الجمهورية” الى أنه وفق مقاربات المحلّلين والمطلعين، فإنّ خطة الرئيس الاميركي دونالد ترامب بشأن غزة تسابق الوقت، فقطارها عيّره الرئيس الأميركي على سرعة قياسية لن يكون في مقدور أحد أن يعترضه، أو يُجبره على المكوث طويلاً في محطة غزة، ذلك أنّ ترسيخ التهدئة مرسوم ومحسوم، والنتائج يُريدها ترامب أن تظهر بالسرعة عينها، وقد صرّح بذلك مراراً، ليُكمل القطار مساره نحو محطات أخرى في المنطقة، حيث تتقاطع الترجيحات على تحديد لبنان كمحطة ثانية، لصياغة تسوية تفضي إلى وقف الحرب الإسرائيلية المتواصلة عليه منذ إعلان اتفاق وقف الأعمال العدائية في تشرين الثاني من العام الماضي.
وبحسب الصحيفة فإن تلك التقديرات والتحليلات والترجيحات التي تبدو متفائلة جداً، تبقى نظرية، إذ تُقابلها تقديرات ومقاربات حذرة لمسار التسوية التي يُعمل على إنضاجها، إذ إنّ هذا المسار يبقى معرّضاً إلى الاهتزاز، ما لم تُثبت بالملموس جدّية التزام إسرائيل بالإتفاق، ليس بمرحلته الأولى، بل بمراحله التالية، لانعدام الثقة بإسرائيل التي تبقى دائماً محل تشكيك في نواياها، ولا أحد على الإطلاق يضمَن أن تلتزم بموجباتها، وألّا تتعمّد إدخال شياطينها في تفاصيل تلك المراحل.
ويؤيّد ذلك مرجع كبير بقوله ل”الجمهورية”: “لا أحد في العالم إلّا ويتمنى أن تنتهي هذه الحرب، وتوقف إسرائيل ما ترتكبه من جرائم وفظائع في غزة، لكن كل العالم يعرف إسرائيل ومماطلاتها، ولذلك يتملّكني شعور بأنّ جُلّ ما تريده إسرائيل هو إطلاق الأسرى لا أكثر ولا أقل، وأمّا سائر مراحل الاتفاق فأجد صعوبة في افتراض أنّها ستُسهّلها، بل يقيني أنّها ستُعطّلها”. كما أنّ المسؤول عينه يؤيّد “فرضية أن ينتقل التركيز، في موازاة المرحلة الأولى من اتفاق غزة، إلى لبنان لتحريك مساره من جديد”.
وعندما سُئل: “في أي اتجاه سيتمّ تحريكه”؟ أجاب: “لديّ معلومات بسيطة تُفيد بتحضير لتحرّك ما لبلوغ تسوية، لكن لا أملك أي تفصيل إضافي، بالتالي ليس من الحكمة استباق الأحداث قبل حصولها، فربما تحصل، وربما لا تحصل، ولذلك دعونا ننتظر إن كان هناك شيء أو لا»
وتبرز في هذا السياق مقاربة ديبلوماسية أوروبية للتطوّرات المتسارعة في المنطقة، تُسلّط النظر على ما تصفها بـ”إيجابيات تبعث على التفاؤل إلى حدّ كبير بمسار التسوية الذي انطلق بصورة فائقة الجدّية في المنطقة”.
ما يلفت الانتباه في هذه المقاربة، أمران؛ الأول، أنّها تقارب اتفاق غزة كحاجة لكلّ أطراف الحرب فيها، والرئيس الأميركي نجح في تأكيد هذه الحاجة، والبناء عليها في خطة الحل التي طرحها للتنفيذ من دون إبطاء، مع تأكيد عدم إخضاع مندرجاتها لأي تعديلات. وأمّا الأمر الثاني، فإنّ هذه المقاربة الديبلوماسية الأوروبية، تشير إلى أنّ كل المؤشرات والدلائل تؤشر إلى أنّ لبنان مُدرَج ضمن مسار التسوية، بدفع قوي من قِبل الولايات المتحدة في هذا الاتجاه، إلّا أنّها لا تلحظ شكل التسوية المتعلّقة بالملف اللبناني، وأي أساس ستقوم عليه، وما إذا كانت ستُبنى على أساس ورقة توم برّاك القديمة التي سبق للحكومة اللبنانية أن وافقت عليها، أو على أساس ورقة جديدة بالمضمون عينه، إنّما باسم مختلف، أو على أساس خطة جديدة بمندرجات جديدة مختلفة عنها جملة وتفصيلاً
ويبرز في خلاصة هذه المقاربة تأكيدها على أنّ “من مصلحة جميع الأطراف إنهاء حالة التصعيد القائم بصورة خطيرة على الجبهة اللبنانية، وعلى أنّ الحاجة باتت أكثر من مُلحّة للخروج من حالة التصعيد هذه، وتجنّب انزلاق الوضع إلى توتر خطير، وهذا ما يُشكّل دافعاً قوياً لبلوغ تفاهمات توفّر الأمن والاستقرار على جانبَي الحدود الجنوبية، وتُتيح سيطرة الجيش اللبناني على كامل منطقة جنوب الليطاني، وتؤكّد، ليس فقط تقيّد الجانبَين اللبناني والإسرائيلي بصورة ملحوظة وملموسة باتفاق وقف الأعمال العدائية المعلن في تشرين الثاني من العام الماضي، لا بل تطويره إن أمكن ذلك، وكذلك الالتزام الكامل بمندرجات القرار الدولي 1701”.