عقدت مجموعة العشرين اجتماعها الدوري برئاسة فؤاد السنيورة، واستعرضت الاوضاع الراهنة من مختلف جوانبها وعلى وجه الخصوص التطورات الكبيرة والمفصلية الجارية على أكثر من صعيد دولي وإقليمي، وكذلك ما يجري في المنطقة، وتحديداً بما يتعلّق بلبنان وبفلسطين المحتلة، والمسارات المطروحة بشأن القضية الفلسطينية، وهي القضايا التي لا بدّ من أن تنعكس بدورها على لبنان بشكل قوي ومباشر. في ضوء ذلك.
واستنكرت المجموعة “القصف الهمجي الإسرائيلي الأخير الذي استهدف وطال مؤسسات مدنية في بلدة النجارية في محيط منطقة المصيلح، والذي دمَّر معدات وسيارات وآليات وجرافات تابعة لشركات خاصة، مخصصة للاستخدام في عملية إزالة أثار العدوان الإسرائيلي، وإعادة إعمار قرى الجنوب والمناطق المتضررة. هذا الهجوم الأخير يدل على أنّ الهدف الواضح لإسرائيل يتمثل في إصرارها على الحؤول دون عودة النازحين اللبنانيين إلى ديارهم، وعلى عرقلة إعادة إعمار القرى والبلدات والأبنية المهدّمة جراء العدوان”.
وأيّدت “قرار الحكومة اللبنانية في تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل بشأن هذا الاعتداء وباقي الاعتداءات الغاشمة التي لاتزال ترتكبها إسرائيل، والتي يذهب ضحيتها الكثير من المدنيين اللبنانيين الأبرياء”.
واعتبرت المجموعة أن “استمرار سكوت الدول الضامنة لاتفاق التفاهمات الذي تمّ التوصل إليه في السابع والعشرين من شهر تشرين الثاني 2024 بشأن تنفيذ القرار الدولي 1701، وتحديداً بما خصّ وقف العمليات العدائية ضدّ لبنان يشكل طعنة سامة وضربة مؤلمة لجهود الدولة اللبنانية لتطبيق القرار 1701، ويمسّ صورتها ويضعف من مكانتها وقدرتها على استعادة دورها وسلطتها الكاملة على أرضها، ولاسيما بما يعطل سعي الحكومة اللبنانية، لتطبيق قراراتها فيما خصّ حصرية السلاح بيد الأجهزة الشرعية اللبنانية”.
ورأت أن “هذه الدول الضامنة لاتفاق وقف الأعمال العدائية ضد لبنان، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا مطالبتان بموقف واضح من عدوان إسرائيل المتمادي والمستمر على لبنان، وبالتالي وجوب أن تلتزم إسرائيل بوقف اعتداءاتها وعملياتها العسكرية ضد لبنان وشعبه”. من جهة أخرى، اعتبرت أنّ “مصلحة لبنان تقتضي التركيز على العودة إلى تطبيق اتفاق الهدمة الموقع في العام 1949، والالتزام بمبادرة السلام العربية، حيث لا يستطيع لبنان أن يتفرّد بأي موقف آخر من دون إجماع لبناني وعربي على ذلك”.
ولفتت مجموعة العشرين الى أن “الحكومة اللبنانية الساعية بجد لتطبيق قرار حصرية السلاح بيد الأجهزة الشرعية اللبنانية، مطالبة أيضاً بوضع رؤية واقعية لتنفيذ عملية عودة اللبنانيين النازحين إلى ديارهم، ولتنفيذ عملية إعادة الإعمار في كافة المناطق التي طالها العدوان الإسرائيلي الغاشم، والتي بالطبع يحتاج تطبيقها تأمين الأموال اللازمة لذلك. وهو بدوره ما يقتضي أن تتعزّز جهود الحكومة في مساعيها مع الدول الشقيقة والصديقة، لتأمين الأموال المطلوبة لإعادة الإعمار، وذلك بالتوازي مع ما تبذله الدولة اللبنانية من جهود صادقة للقيام بالإصلاح المنشود، وفي العمل لاستعادة دورها ولسلطتها الكاملة على أراضيها”.
كما اعتبرت ان “الهدف الأسمى في هذه الفترة في لبنان ينبغي أن يتركّز على العمل على وقف العدوان الإسرائيلي وإنهاء احتلاله في الجنوب اللبناني ومن ضمنها انسحابه من النقاط الخمس المحتلة، وذلك بالتزامن مع مضي الدولة والجيش اللبناني بتنفيذ خطة وقرار حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، والشروع في إعادة الإعمار التي باتت مدخلاً حقيقياً وإلزامياً لنهوض لبنان وخروجه من الحال التي بات فيها”.
في سياق اخر، حيّا المجتمعون “الصمود الأسطوري الذي عبّر عنه الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية في مواجهة العدو الإسرائيلي”. كما أكّدوا أنه “قد حصلت وتحصل متغيرات وتحولات كبرى في المنطقة باتت تستدعي توجهات ومقاربات جديدة بعد أن ثبت عدم جدوى المقاربات السابقة في حل النزاعات والمشكلات الإقليمية والدولية، ولاسيما تلك التي عصفت ولاتزال تعصف في المنطقة، وتحديداً بما خصّ القضية الفلسطينية المحقة. وبالتالي، فإنَّ هناك حاجة ماسة لاعتماد مقاربات وأساليب جديدة تحاكي المتغيرات والتحولات الإقليمية والدولية. ومن ذلك، ما يتعلق بعدم إمكانية استمرار المنظمات المسلحة من خارج إطار الدول ذات السيادة، وبالتالي ضرورة اعتماد الحوار والتفاوض لتحقيق التسويات المطلوبة، بما يحافظ على الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني من خلال الالتزام بما نصّت عليه المبادرة العربية للسلام في بيروت في العام 2002، واغتنام ما طرأ من تغير إيجابي كبير بنتيجة الاعترافات الدولية الجديدة بالدولة الفلسطينية، وتأييد تلك الدول لحلّ الدولتين، كما والتغير الإيجابي الذي طرأ على المجتمعات الغربية تُجاه القضية الفلسطينية المحقة بنتيجة الظلم الهائل الذي ألحقته إسرائيل بالشعب الفلسطيني، بما يمكن أن يُسهم في التقدم نحو حلّ القضية الفلسطينية بالطرق السلمية وفقاً لأحكام القانون الدولي”.
ونوّهت بـ”الخطوة التي تمت الاسبوع الماضي والتي تمثلت بإعادة افتتاح وإطلاق العمل في أسواق بيروت التجارية في وسط مدينة بيروت، وهو يعد خطوة متقدمة على طريق استعادة العافية الاقتصادية الى قلب العاصمة ووسطها التجاري الذي هو المكان الصحيح لعودة التلاقي الحقيقي، وتعزيز حوار الحياة المشتركة بين أبناء بيروت وبين جميع اللبنانيين، تحقيقاً لهذا الهدف الوطني النبيل الذي عمل الرئيس الشهيد رفيق الحريري على تحقيقه”.