قدّم عضو الكونغرس الأميركي دارين لحود عبر “نداء الوطن”، تحليلًا دقيقًا للمشهد السياسي اللبناني والإقليمي، مشيرًا إلى أن لبنان أمام “لحظة محورية وفرصة حاسمة لإحداث تغيير إيجابي كبير، لا سيما في ما يتعلق بنزع سلاح حزب الله”.
وشدّد لحود على أن “نزع السلاح لا يمكن أن يكون مُجرّد مناورة تكتيكية، بل هو جانب أساسي من بسط سيادة الدولة اللبنانية. ومع تطوّر الديناميكيات الإقليمية، لا سيما مع تراجع دعم إيران لـ “الحزب”، ثمة فرصة أمام الحكومة اللبنانية لتأكيد سلطتها وتعزيز جيشها”.
وسلط لحود الضوء على دور الجيش اللبناني كشريك مهم، داعيا إلى “تعزيز قدراته لضمان الأمن”. ولفت الى أن “الطريق إلى الأمام محفوف بالتعقيدات، مما يجعل الأشهر الأربعة المقبلة حاسمة لتحديد ما إذا كانت الإجراءات الجريئة التي دعت إليها الحكومة ستؤتي ثمارها”. وأكد أن “تحقيق تقدم ملموس يعتمد على الإرادة السياسية اللبنانية”، مضيفا ان “الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل العمل الجاري في الجنوب”، مؤكدًا أهمية تحقيق نتائج ملموسة في عملية نزع السلاح، خصوصًا مع تراجع نفوذ إيران ومواجهة “حزب الله” تحدياتٍ مُختلفة.
وحول تصاعد المواقف الأميركية سلبًا أم إيجابًا، أشار لحود إلى أن “المناقشات ستكون أكثر وضوحًا بعد نهاية العام”، لافتا إلى أن “التركيز المُباشر حاليًا ينبغي أن ينصبّ على مُراقبة تحركات الجيش اللبناني في الجنوب لجهة نزع السلاح”، مُؤكدًا على أن واشنطن تنوي مواصلة الضغط لتحقيق ذلك.
واوضح لحود أن “المسؤولين الأميركيين أكدوا خلال زياراتهم الأخيرة الأهمية الاستراتيجية للجيش اللبناني”، مشيرًا إلى دور المساعدات العسكرية الأميركية، بما في ذلك الأسلحة المتطورة والدعم اللوجستي، المحوري في تعزيز قدراته، خصوصًا أنه يُنظر إليه بشكل متزايد كشريك أساسي في ضمان خروج لبنان من مشاكله الأمنية. وقال “في نهاية المطاف، الأفعال أبلغ من الأقوال”.
وأقرّ لحود بالتقدم المستمر الذي يُحرزه الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، معبّرا عن “مخاوفه بشأن وجود الميليشيات في جميع أنحاء لبنان”. وقال “لا يمكن لأي دولة أن تزدهر بوجود جماعات مسلحة تعمل بشكل مستقل عن الجيش الوطني”، مُصرًا على أن نزع سلاح جميع الميليشيات أمرٌ بالغ الأهمية، يجب أن يمتد ذلك من الجنوب إلى البقاع”.
في هذا الاطار، شدد على أن “الإدارة الأميركية تواصل تتبع النهج التدريجي لنزع السلاح، مشيرًا إلى إمكانية إبرام اتفاقية تعاون دفاعي بين الجيش اللبناني والولايات المتحدة. لكنه أكد أن التقدم نحو هذه الاتفاقيات يتوقف على تحقيق الأهداف الفورية أولاً. “ستكون الأشهر الأربعة المقبلة حاسمة؛ إذ ستحدد الإجراءات الملموسة، مثل نزع سلاح “حزب الله” ومصادرة الأسلحة، مستقبل التعاون العسكري الأميركي – اللبناني”.
في سياق متصل، لفت لحود إلى “الديناميكيات المعقدة التي تشمل سوريا ولبنان وإسرائيل”، مشددًا على أنها “تستلزم دبلوماسية حذرة”. ورأى أن “إسرائيل لا يمكنها تجاهل التهديدات الصادرة من جنوب لبنان”، لافتًا إلى “ضرورة إيجاد حل متوازن لهذه الاستفزازات المستمرة”. وثمّن لحود اتفاق وقف الأعمال العدائية وآلياته (الميكانيزم)، الذي أُقر في تشرين الثاني الماضي، كخطوة مهمة لخفض التصعيد تهدف إلى إدارة التوترات.
واعتبر ان “لا يمكن إنكار حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد تهديدات جماعات مسلحة مثل “حزب الله”. ومع ذلك، فإن تحقيق الاستقرار الدائم يتطلب من الجيش اللبناني تأكيد استقلاليته وقوته، لا سيما في نزع سلاح “الحزب”.
وكشف أن “الرئيس الاميركي دونالد ترامب يود أن يرى في نهاية المطاف تطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا، وكذلك بين إسرائيل ولبنان. إلا أن هذا الواقع لا يزال بعيدًا”.
في سياق منفصل وعن التغييرات السياسية في سوريا، قال لحود إنه يسود في الكونغرس شعور بالتفاؤل الحذر، مضيفًا أن قيادة الرئيس أحمد الشرع الجديدة تواجه تحدياتٍ جسيمة، لا سيما لجهة حماية الأقليات مثل العلويين والدروز والمسيحيين الأرثوذكس. واوضح ان “استقرار هذه المجتمعات ومستقبلها يعتمد على قدرة الحكومة على توفير الأمن وتعزيز الشمولية مع تقدم البلاد”.
ورأى أن بناء تحالفات قوية مع الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل سيكون أمرًا حيويًا في إرساء إطار حكم مستقر وتعزيز السلام في المنطقة. وقال “لحسن الحظ، أدى تراجع النفوذ الإيراني داخل سوريا وتراجع نشاط الوكلاء الشيعة إلى خلق بيئة أكثر ملاءمة، إلا أن عقبات كبيرة لا تزال قائمة”.
من ناحية أخرى، لفت لحود إلى أن “إدارة ترامب بدأت اتخاذ تدابير مشجعة، والاجتماعات الدبلوماسية والعسكرية الأخيرة التي ضمت الأدميرال براد كوبر قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة تشير إلى تفاعل إيجابي؛ ومع ذلك، يجب بناء الثقة من خلال إجراءات حاسمة على أرض الواقع”.
في المقابل، اكد انه “لا تزال هناك شكوك لدى بعض أعضاء الكونغرس بشأن انتماءات الشرع السابقة، من هنا عليه تقديم نتائج ملموسة لتبديد هذه الشكوك”. ورغم أن أعضاء من الكونغرس أبدوا اهتمامًا بالتواصل مع إدارة الشرع، شدد لحود على أنه ينبغي أن تشمل المباحثات حماية حقوق الأقليات، وإعادة بناء الجيش، وتعزيز مجتمع تعددي، والسعي نحو الديمقراطية.